السير والسلوك
أريد أن أسير إلى الله...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الشيخ الفاضل الجليل آمل أن أستسقي قبساً من علمك النير الفياض بالجود والمعرفة. أنا شاب مذنب وتائب من ذنوبي إلى الله، فأريد أن تكون لي قاعدة أسير بها إلى الله سبحانه وتعالى، وأريدك عوناً لي في مسيرتي إلى الله. أسأل الله الخير والصلاح لما ينفعنا دنياً وآخرة. ولك خالص الامتنان. ابنك.
بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمته وبركاته.
تحية إعجاب وإكبار-لحبيب وعزيز وغالٍ وولد عظيم-أزفها إليك بعد أن قمتَ بمحاولة تعمير قلبك، وتحويل الإرادة القولية إلى الرفعة الحقيقية والشموخ.
ولدي:
تعجبني كلماتك العذبة التي صيغت بصياغة رحمانية، ولكنها لا زالت بعد لم تحقق الشيء المطلوب في الخارج, فالتوبة التي نويتها في كلماتك الطيبة، ليست بالأمر السهل، فهي تحتاج إلى عزم جاد وتوفيق ربّاني فهي من أُولى الخطوات إلى الله تعالى. وهي درجة عالية
دعائم التوبة
فعن مولانا الإمام علي عليه السلام: "التوبة على أربعة دعائم: ندم بالقلب، واستغفار باللسان، وعمل بالجوارح، وعزم أن لا يعود" أسأل الله تعالى أن يحققها لك ولي وللمؤمنين في القريب العاجل إنه سميع مجيب وعلى كل شيء قدير.
ولا زلتُ أهنىء ولداً من أولادي وأحد أعزائي على ما يمتلك من قوة إرادة يريد ويرغب أن يستعملها ويسخرها نحو من أفاض القوة نفسها، وهذا الأمر من الأمور التي تثبت لك الجدارة ونيل قصب السبق في ميدان السبق والجهاد مع النفس والشيطان والهوى.
التقوى تنال بالقوى
إن الله تعالى قد جعل الرزق مضموناً مقسوماً لأنه من أسباب بقاء النوع فإذا انقطع رزق الإنسان انقطع عنه ما يقيم أوده، وكذا يعتمد عليه في إصلاح العيال وشأنهم. أما التقوى فإنها ليست مقسومة بل هي من الأمور الكسبية وتُنال باستعمال جميع القوى، فكلما أعطى الإنسان عقلاً وفكراً واستخدم ذلك استخداماً حكيماً كان ذلك منتجاً نتاجاً سليماً وبناءً قوياً لا تحركه العواصف، ولا تؤثر فيه القوى مهما اجتمعت، ومهما تكاتفت عليه أيدي البغي والعدوان وأيدي الظلم الميشومة؛ فإن كل هذه المحاولات الشيطانية سوف تبوء بالفشل الذر يع، والسبب في ذلك أن جميع القوى سُخِّرتْ نحو أهل التقوى وأهل المغفرة، فلا يكون نصيب لإبليس وجنوده في جارحة من جوارح هذه الذات، وقد نالت البركة لأنها اتجهت نحو جهة معينة، فلا تكون لأي جهة من الجهات الأخر أدنى حصة ونصيب، فإنها على يقين من صحة هذا الطريق قبل سلوكه، بخلاف من حوّل ثقله الإرادي نحو الخطأ عالماً أو جاهلاً مصراً متعصباً أو راضياً غافلاً، فإن المساواة غير صحيحة.
الناس طوائف
ولا بد أن نشير إلى أن الناس طوائف وفرق، فالبعض يحب العمى على الهدى ابتداءً، أو بواسطة تزيين أهل العمى ودعوتهم إلى ما انتحلوا من طريق وما سلكوا من مسلك، فكما أن ضوء الشمس لا ينفعهم ولا يجديهم نفعاً كذلك الهدى لا ينفعهم ولا يفيدهم، وهنا تأتي الآيات الكريمة توضح كل هذه المعاني، وإليك جملة منها:
((أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ))، ((أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)) ، ((إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)).